حب مُغيث لبريرة !
روى البخاري في صحيحه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعمّه ” يا عباس ألا تعجبُ من حُبّ مُغيثٍ بَريرة ومن بُغض بَريرةٍ مُغيثاً ” !
وبَريرة كانت عبدةً مملوكةً لأُناسٍ من الأنصار وكان لها زوجٌ اسمه مُغيث تاقت نفس بريرة إلى الحرية فكاتبت أسيادها لأجل العتق وقصدتْ الصديقةَ بنت الصِّديق عائشة رضي الله عنها كي تساعدها في مبلغ عتقها وعندما تنشقتْ بريرة أنفاس الحرية الأولى فكَّرت في أمر زواجها فالشَّرعُ يعطي الأَمَة إن تحررتْ خيار أن تبقى مع زوجها أو تفارقه فقررتْ بريرة أن تترك مغيثاً ! فكان مغيث يلحق بريرة في طرقات المدينة باكياً يرجوها أن ترجع إليه ولكنها لا ترأفُ لحاله ولا ترحمُ حزنه لما يئس مغيثٌ أن ترجع بريرة إليه قصد الرحمة المهداة طالباً منه أن يشفع له عندها
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : يا بريرة لو راجعته فإنه زوجك وأبو ولدك فقالت له : يا رسول الله أفتأمرني ؟ فقال : إنما أنا شافع فقالت : لا حاجة لي فيه
الدرس الأول
الحبُّ من طرفٍ واحدٍ مذلّة !
صحيح أن الله خلق فينا قلوباً تسقطُ أحياناً بالضَّربةِ القاضية أمام حبيب ولكنه بالمقابل خلق فينا إرادةً كي لا نتنازل عن كرامتنا اعرضْ قلبك على من أحببتَ ولكن لا تتسول الحُبَّ جرّبْ مرَّةً وتودَّدْ مرَّةً ولكن عليك أن تعرف متى تتوقف وقد قالوا قديماً : أحياناً لا يكفي أن تقلب الصفحة ولكن يجب عليك أن تُغيّر الكتاب!
الدرس الثاني
النِّساءُ لَسْنَ سلعاً للبيع لمن يدفع مهراً أعلى ظُلمٌ للمرأة أن تُجبر على رجل وقلبها عند آخر قتلُ القلوب أشدُّ إثماً وألماً من قتل الأجساد فدعْ عنكَ تناحة الأعراب الأوائل الذين رفضوا أن يزوجوا بناتهم لمن أحبَبْنَ لأنهنَّ أحبَبْنَ
واقتدِ بالذي هو خير من قومه جميعاً إذ يقول : ” لم يُرَ للمتحابين غير النكاح “!
الدرس الثالث
كُنْ رجلاً ولا تغدر قلباً رقيقاً أحبكَ لأجل أنك تعبد العادات والتقاليد كل الناس لهم قلوب وإنك إن لم تتزوج حبيبتك
ففي الغالب ستتزوج حبيبة رجل آخر كثير من عاداتنا هي أصنام يجب تكسيرها لا تقديم القلوب قرابيناً لها !
الدرس الرابع
اشفعْ فجبر القلوب مُقدم على جبر العظام لأن كسرها أشدّ ألماً إن استطعت أن تجمع بين قلبين فلا تتردد وإن استطعت أن تضع حداً لنزاعٍ عائلي فلا تتباطأ قيمة البشر الحقيقية ليست بما يملكون بل بما يُقدِّمون قيمة الشجرة ليست في خشبها بل في ثمارها قيمة الكتاب ليست في أوراقه بل في كلماته وهكذا الناس إنما يرتفع بعضهم فوق بعض بأعمالهم وانظر للذين خلَّدهم التاريخ تجدهم جميعاً قدموا للعالم شيئاً أحدُهم اخترعَ دواء وآخر خطَّ كتاباً هذا أطفأ حرباً وذاك شقّ طريقاً الناس يندثرون ولا يبقى لهم إلا جميل ما كتبوا فلا ترحل دون أن تترك أثراً !
الدرس الخامس
لا يمنعك من الشفاعة أنه قد لا يُستجاب لك يكفيكَ شرفُ المحاولة ويكفيك أننا نُؤجر على ما نفعل لا على ما نُحقق
وفي الحديث أن يوم القيامة يأتي بعض الأنبياء وليس معه أحد وإن رُدت شفاعتك فلا تعتبر هذا إهانة مهما بلغت من المكانة لن تبلغ مكانته صلى الله عليه وسلم وانظرْ إليه يشفع عند امرأةٍ كانت أَمة ثم إنها لا تجيبه في شفاعته
فهل اعتبر هذا إهانة ؟ وهل صار خصماً بعد أن كان شافعاً لا تُفسد أجر الشفاعة بالكِبر !
الدرس السادس
لا تحقرنّ من المعروف شيئاً فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعبد الناس يصوم الأيام الطوال كأنه لا يُفطر
ويقوم الليالي المظلمات كأنه لا يرقد ولكنه لم يزهدْ في شفاعة ولا تتعذر بانشغال وضيق وقت من كان في حاجة الناس كان الله في حاجته ثم أنت أكثر انشغالاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وهو بالمفهوم الديني نبيّ الأمة، وبالمفهوم السياسي رئيس الدولة ومع هذا كان يجد وقتاً للبسطاء يشفعُ لزوجٍ عند زوجته ولأَمةٍ صغيرة عند مواليها إننا حين ننزلُ إلى البسطاء نرتفع !
المصدر : ادهم الشرقاوي
وماذا عن حب فتاه لى وانا لست احبها