يُروى أن معاوية بن أبي سُفيان عندما كان طفلاً، كان ذات يوم يلعب من رفاقه فيُصلح بين اثنين تخاصما، ويوقع الخصومة بين اثنين تآلفا، ويحمل فريقاً من أترابه على فريق، ويكفُّ فريقاً عن فريق!
وصادف أن مرَّ أحد الأعراب المشهود لهم بالفراسة، فلفته دهاء الصغير، فقال : هذا الغلام ليسُودنَّ قومه !
فسمعتْ هند بنت عتبة كلام الأعرابي، فقالت له : ثكلته إن لم يسدهم ويسد غيرهم !
الشاهد في القصة أن الأطفال دفاتر بيضاء، ويكبرون وفق ما نكتبه على هذه الصفحات !
نحن نزرع فيهم بذرة الشر أو بذرة الخير ولا نحصد إلا ما زرعناه !
صحيح ان ابن نوح عليه السلام قد غرق، ولكن ثلاثة من أبنائه ركبوا السفينة، يحدث أن لا تحصد ما زرعت، ولكن هذا لا يحصل إلا في مرات نادرة، والأشياء الشاذة لا تُعمم وإن كانت قابلة للحدوث، ولكن القاعدة القابلة للتعميم أن من يزرع قمحاً يحصده، ومن يزرع شعيراً لا يقطف عنباً !
يخلط الناس بين المفاهيم فمثلاً بين الإعالة ومفهوم التربية، يعتقد الأبوان أن اطعام الابن وكسوته والعناية به هي التربية، والحقيقة هذه هي الإعالة، فلو اقتنى أحدنا قطاً فسيطعمه ويسقيه ويعتني به، التربية أساسها القيم و المفاهيم، والاعالة جزء من التربية لا التربية كلها !
لقد تعلمنا كثيراً من المفاهيم الخاطئة، وكل
مفهوم خاطئ تعلمناه خسرنا في مقابله مفهوما صحيحاً كان يجب أن نتعلمه !
علمونا أن ” همّ البنات إلى الممات ”
وعلمنا النبي أن البنت تأشيرة سفر إلى الجنة!
علمونا أن ” الأقارب عقارب ”
وعلمنا النبيّ أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم
علمونا ” احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة”
وعلمنا النبيّ أن من سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله اثنان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه
علمونا ” اسكت تسلم “
وعلمنا النبي أن أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر
علمونا أنه إذا أحسن الزوج إلى زوجته فهو خروف أو أرنب
وعلمنا النبي أن خيركم خيركم لأهله وأن اللقمة التي يرفعها أحدنا إلى فم امرأته صدقة
علمونا أنك لن تكون مسلما حتى تزدري غير المسلمين وتحتقرهم ولو لم يكونوا محاربين
وقد وقف النبي لجنازة يهودي مرت به ولما سئل قال أوليست نفسا قد خلقها الله
علمونا أن المساجد لله وأن ما عدا ذلك لولي الأمر !
وعلمنا الإسلام ولي الأمر موظف عند الأمة ليس له من مال الناس إلا راتبه وكذا كان أبو بكر وعمر
علمونا أنك ما دمت بخير فلا شأن لك بالناس
وعلمنا النبي أن الناس في المجتمع كقوم استهموا على سفينة
علمونا أن ” كوم حجار أفضل من إنسان جار”
وأوصانا النبي بسابع جار وأن جبريل كان يوصيه بالجار حتى ظن أنه سيورثه
أيها القوم
ما علّمتم أولادكم مفهوما خاطئا إلا هدمتم في المقابل مفهوما صحيحا
ما رسختم في عقولهم بدعة إلا هدمتم في المقابل سُنّة
ما زرعتم في حقول قلوبهم بذرة شر إلا واقتلعتم منها بذرة خير
فلننظر ماذا نزرع لنعرف أي جيل سنحصد
المصدر : ادهم شرقاوي